ضمن البرنامج الثقافي المواكب لفعاليات "مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية" (BAFF)، استضاف متحف الآثار في الجامعة الأميركية احتفالية مئوية كتاب "النبيّ"، وجرت خلاله حلقات نقاش، ومحاضرات حول الفن والثقافة والسينما من مختلف جوانبها.
أقيمت الاحتفالية، بدعم من مؤ ّسسة سعدالله ولبنى خليل، بين 28تشرين الثاني\نوفمبر 2023، وحتى التاسع عشر من كانون الأول\ديسمبر المقبل، وستعاد بصيغة متجدّدة الربيع المقبل 2024 في جامعة القديس يوسف (اليسوعية)، وفي متحف جبران ببشري.
وشهد متحف الآثار في الأميركية عروضًا ُممسرحة بعنوان "النبيّ في المتحف: الشعر يحاور الأركيولوجيا"، بأداء من سالي جابر، وعلاء عيتاني، وإخراج لينا أبيض، وتنسيق ألفرد الخوري.
خوري
عن أهمية المناسبة، واهتمام مهرجان بيروت للأفلام الفنية بجبران، وكتابه النبي، قال المدير الفني للاحتفالية الدكتورألفرد خوري ل"ردبيس" إن "هذه الحكاية المثاليّة تكتسب بُعداً آخر عندما نأخذ بعين الاعتبار أن جبران كتب هذا الكتاب فينيويورك بعد سنوات قليلة على انتهاء الحرب العالميّة الأولى، وأنّه هو نفسه قد عاش تجربة الهجرة، والاغتراب، والفقر، وفقد أمه، وإخوته الذين أودى بهم المرض”.
خوري أضاف إنه "على الرغم من أن "النبيّ" لا يتضمّن إشارات مباشرةً إلى أحداث تاريخيّة أو شخصيّة، إلا أنّه لا يُمكننا إلّا أن نجد فيه صدىً للمجاعة الكبرى التي حلّت بجبل لبنان بين عامي 1915 و1918، والتي آلمت جبران عميقًا، فضلاً عنمذابح الأرمن، وسواها من المجازر، ومشاريع التهجير، والطّرد، والاستعمار التي كانت تنفَّذ في المنطقة في تلك الفترة منالزمن”.
ورأى خوري إن إحياء عرض هذا الكتاب، "يضيء على علاقة كتاب النبيّ بثقافات شرق المتوسّط، وكتب العالم القديم، وهو بذلك يهدف إلى إضفاء بُعد جديد على عالميّة كتاب جبران، وجذوره الأدبيّة والحضاريّة، فمن خلال دعوة "النبيّ" إلى متحف متخصص بعلم الآثار، وتحديدًا آثار الشرق الأوسط من مصر حتّى إيران، ومنذ العصر الحجري، حتّى القرن التاسع عشر، يقدّم هذا العرض الكتاب كوثيقة عابرة للأزمنة والثقافات”.
وفي نشرة مرافقة لاحتفالية متحف الاميركية صادرة عن المهرجان، أن الطبعة الأولى من الكتاب صدرت في نيويورك عام1923، ومنذ ذلك الحين توالت طبعاتُه من دون انقطاع. وقد بيع منه أكثر من 11 مليون نسخة في طبعته الأميركيّة.
لكن النبي لم يتجاوز عتبة المئة في السنين فقط، بل أيضا في الجغرافيا، أو بالأحرى في اللغات، فقد بات الكتاب مترجماً إلى أكثر من 115 لغةً حول العالم، وهو بذلك من أكثر الكتب ترجمةً في التاريخ.
شملت الترجمات الأولى اللغات الألمانيّة (1925)، والعربيّة (1926)، والفرنسيّة (1926)، والهولنديّة (1927)،واليديشيّة(1929).
وفي السنوات الأخيرة بات "النبي" متوفًّرا في لغات أقل انتشارا كاللغة الأمحريّة (2011)، والكجراتيّة
(2011)، واللومبارديّة (2015)، والجليقيّة (2018).
ونظراً لهذا الانتشار الواسع، يعتقد خوري أن الكتاب "يمثّل دليلاً على طابعه العالميّ، سواء على مستوى البناء الأدبيّالجمالي، أو على مستوى المضمون الفلسفي الروحاني"، مضيفاً عن التساؤل حول معنى قراءته اليوم إنه "في كيفية تقاطع رسالتُه العابرة للأزمنة، واللغات مع عالمنا المُعولم الذي يتباهى بالسرعة، والتعدديّة، والتواصل الدائم، في حين أ ّن أكثر ما "يوحّد" عالمنا اليوم هو سلسلة الأزمات، والتحدّيات التي باتت تهدّد الحياة على الكوكب، كالتغيّر المناخي،وموجات الهجرة، والحروب الأهليّة، والحروب عن بُعد، وشحّ الموارد والأوبئة الفتّاكة".
النبيّ هو حكايةُ مدينة ونبيّ. المدينة هي أورفليس، والنبيّ هو المصطفى، "المختار الحبيب." بعد اثنتي عشرة سنة من الإقامة بين أهل أورفليس، تأتي ساعة الرحيل، فيجتمع الشعب حول المصطفى ويسألونه أن يشاركهم شيئًا من حكمتهوتعاليمه، قبل أن تحمله السفينة إلى جزيرة مولده.
واحدًا تلو الآخر، يطلب أهل أورفليس إلى المصطفى أن يحدّثهم عن القضايا التي تعنيهم، كالحبّ، والزواج، والعمل، والفرح،والحزن، والمنازل، والعقل، والعاطفة، والصداقة، وغيرها، فيشرعُ المصطفى في الحديث، ويدلّهم إلى ُطرق المعرفة، والحب،والسلم.
"يقترح العرض قراءةً مُمَسْرحة للنبيّ"، يفيد خوري، ويوضح إنه "يقيم حواراً بين فصوله الستّة والعشرين، ومحفوظاتالمتحف الآتية من حضارات، وأزمنة متنّوعة، ومن خلال هذاالحوار، يُضيء الكتاب الأركيولوجيا، وتدلّنا الأركيولوجيا إلى الأبعادالإنسانيّة، والروحيّة في الكتاب”.
أمّا فكرة الحوار، فهي نابعة من كتاب جبران نفسه، ورأى خوري أنها "تحثّنا على التفكير في مسائل الرمزيّة،والجماليّة، والمعنى، وعلى اختبار علاقة الأدب بغيره من الفنون كالنحت، والتصوير، والزخرفة، والعمارة".
وختم خوري أنه بهكذا تصوّر، "يبدو لنا النبي أكثر من مجرد وعاء من الحكم الجاهزة، والتعاليم المعلّبة، ليغدو حواراً حقيقياًمفتوحاً على التأويل، والقضايا الراهنة، في بحث مستمّر عن ُطرق الحب، ومعرفة الذات، واحترام الآخر، والتناغم بينالإنسان والطبيعة”.
المكتبة الشرقية
من 21 شباط حتّى 29 آذار 2024، تستقبل المكتبة الشرقيّة (جامعة القدّيس يوسف، بيروت) معرضاً لترجمات النبيالمختلفة التي باتت تربو على 115 ترجمةً حول العالم.
بعد ذلك، سيتيح متحف جبران في بشري عرض أكثرمن 60 ترجمة من محفوظاته، وبدعم من مؤسّسة سعدالله ولبنىخليل، سيتمكّن المهرجان من الاستحصال على أكثر من 40 ترجمةً إضافيّة.
كذلك سيضم المعرض كتاب النبي في طبعته الأولى التي صدرت في نيويورك في أيلول 2023، من خلال نسخة تمتلكها مكتبة مؤ ّسسة فارس الزغبي الثقافيّة.
ومن خلال عرض النبيّ في لغات، وطبعاتٍ، وأحجامٍ مختلفة، يلقي المهرجان ضوءاً آخر على عالميّة هذا الكتاب، ولكن أيضاً على التحوّلات التي مرّ بها في هجرته عبر اللغات والثقافات.
بشرّي
وبين أيّار وتموز 2024، سينتقل معرض الترجمات إلى متحف جبران في بشري، وسيضم الترجمات التي استُحصلت بدعممن مؤسّسة سعدالله ولبنى خليل، والتي ستُهدى إلى المتحف.
فنانو الاحتفالية
ألفرد الخوري باحث في الأدب العربي. درس في الجامعة اللبنانّية والجامعة الأميركّية في بيروت وجامعة بامبرغ بألمانيا.تشمل اهتماماته البحثية الشعر العربي القديم، والبلاغة العربية، والنظرية الأدبية والنقد وتركز على شروحات الشعر بدءاًمن القرن الثامن الميلادي.
لينا أبيض، تحمل شهادة دكتوراه من جامعة السوربون الجديدة (باريس) في مجال الدراسات المسرحية. تعمل حالياًأستاذة مشاركة في قسم فنون التواصل (المسرح) في الجامعة اللبنانية الأمريكية ببيروت. تقيم في بيروت وقد أّدت أكثرمن 40 مسرحية وتولت إدارة العديد من ورش العمل في بيروت والشرق الأوسط.
سالي جابر، فنانة متعددة المجالات، تحضّر حالياً مسرحية التخرج بصفتها طالبة في مجال الفنون التعبيرية في الجامعة اللبنانية الأمريكية. شاركت في العديد من ورش العمل في لبنان والخارج بهدف استكشاف مختلف جوانب التمثيل على خشبة المسرح وأمام الكاميرا. وقد اشتركت مؤخراً في أداء أعمال من بينها أمريكا للينا أبيض، وA Streetcar named Desire لناري كوركيجيان. وهي تعمل حالياً على مشروع رقص ُيعرض في شهر تشرين الثاني.
علاء عيتاني فنان لبناني متعدد المجالات يقيم في بيروت. ينصب تركيزه على الفنون المرئية، إلا أن انطلاقة مسيرتهالمهنية كانت في أداء العروض الفنية. يستند في أدائه الفني على الأبحاث، فهو مهتٌم بإعادة استكشاف الفن لغرضالفن، واستخدامه أداًة للتعبير السياسي. درس علاء فنون التواصل في الجامعة الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا – بيروتوالفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية – بيروت.
162 مشاهدة
02 يونيو, 2024
54 مشاهدة
16 مايو, 2024
92 مشاهدة
07 مايو, 2024