RedPeace

هادي زكاك وكتابه "العرض الأخير"

كتب جان رطل

 

أقل ما يمكن ان يقال عن كتاب " العرض الأخير – سيرة سيلما طرابلس "، للمخرجالسينمائي والكاتب الباحث "هادي زكّاك ، غير انه عمل وثائقي، صيغ بكثير من التأني حول سينمات طرابلس التي أصبح معظمها، أو كلها، مغلقة وقد تبدل استخدامها إلى متاجر تجارية أو مخازن و مستودعات وفي بعض الأحيان مناشر للخشب ولصناعة "الموبيليا" ما ستكون غرف للنوم وطاولات لغرف الطعام الى جانب كل ما يصبح كأثاث منزلي متنوع الاستخدام.

هكذا افرغت صالات سينمائية كثيرة من كراسيها الخاصة ومن آلات العرض وصولا للشاشات الكبيرة البيضاء الخاصة وآلات العرض كما غابت البرادي التي كان اغلاقها أو فتحها إيذانا ببداية مشاهدة الأفلام الى نهاياتها.

تابع " هادي "بحثه عن تاريخ الصالات السينمائية في طرابلس ابتداء من زيارة أولى استكشافية خاطفة ، قصيرة، من سنة 2014 لتتكثف الزيارات ابتداء من كانون الثاني 2017 بداية مع " ناتالي روزا بوخر" التي كتبت مقالة صحفية عن الزيارة وانطلق العمل.

البحث الأولي كان يذهب الى تحديد مطارح السينمات والدخول اليها وأخذ صور عن واقعها الذي كان يتبدل من صالة الى أخرى. كانت نتيجة هذه الزيارات مجموعة كبيرة من صور الافلام المتنوعة احتوت ايضا على كمية من " البوسترات "والإعلانات" التي توزعت من صور افلام أواخر الاربعينات الى نهايات العروض السينمائية. تواكبت هذه المرحلة لاحقا مع الشغل بمشاركة من طالبتين من الجامعة اليسوعية، اعتبارا من صيف 2017 حتى آخر سنة 2017، هما " ماغالي عون " التي ساهمت بتفريغ محتويات بعض المراجع ومعها أيضا " افلين حليس " بحيث تنقل النشاط وتوزع بين الجامعة في بيروت وبين طرابلس.

كان من بين نتاج هذه المرحلة أنها أسست لتفريغ المقابلات التي أجريت في مقابلات ميدانية أوصلت "هادي زكّاك"،من مقابلة الى أخرى، لجمع حكايات مختلفة وغنية من شخصية إلى غيرها .

فصل الربيع من سنة 2018 كانت مرحلة الدخول الى معظم الصالات التي كان من الصعب دخولها لولا العلاقات الشخصية للتواصل مع أصحابها، وتقديم مساعداتهم للإندفاع في عملية ارشفة و رقمنة موجودات الصالات المختلفة.

وعند ادراك صيف 2018 دخل العمل الى أرشيف جريدة " الإنشاء " الذي سمح بالوصول اليه الأستاذ مايز الأدهمي وتواصل العمل على هذا الأرشيف الغني حوالي ستة اشهر. وقد احتوى على إعلانات و مقالات وأخذ العمل بترتيب مواده وجمعها وتفريغها كل سنة 2019 تقريبا، وبقي كل الجهد المتواصل حتى الصيف إلى أن وصل خريف 2020 حين اندلعت انتفاضة أحداث 17 تشرين الأول، وواكبت تلك الايام ضائقة جائحة " كورونا " مع كل المشاكل التي واجهتها الحياة اليومية .

بنى " هادي" على مدار كل هذه المرحلة معارف و صداقات واتصل بكل من يعرف انه يمتلك معلومات أو أي شيء له علاقة بالسينما، وكان لهذه الفترة ان يُمَتِّن علاقته لتصبح وثيقة، وانتجت مشاوير في المدينة مع "مايز الأدهمي" و برفقة "جان رطل"، وبمرافقتهما تم استكشاف شوارع وجدران المدينة .دامت هذه المرحلة كما أشرنا حوالي ستة أو سبعة أشهر.

تعرف خلالها "هادي زكّاك "على شخصيات ومراكز أغنت الأبحاث وزادت مصادر المعلومات لأرشيف المدينة وساهمت المراكز والشخصيات التالية : أرشيف "الإنشاء"، معهد الدراسات المسرحية والسمعية والمرئية والسينمائية – جامعة القديس يوسف مديرها السابق د. إيلي يزبك، عبودي أبو جودة ، إميل شاهين، كميل سلامة ، د. خالد زيادة ، مكتبة الريفولي ، المدرسة الأنطونية – المينا، غسان سابا، جورج دوماني. أصحاب الصالات: الياس خلاط ،ليلى حداد ، أديل حبيب ، عزيز ذوق، إدمون حاماتي، ميشال كيك ، اسكندر كركجي، نبيل السباعي ، بسام الداية، شيرين حبوس هيكل، فادي كرّوم ،محمد الكردي ،بولس عاصي ،ندى دوماني ،خير الدين سقّا ،الياس قسطنطين حداد ، نيكولا خريستو ،سبيرو عازار ،عمر البحيري ،الحاج على فلاح ،فوزي العامودي.

ناشطون في الأندية السينمائية : آميل شاهين، د. سعيد الولي ،عصام قلاوون، جان رطل ،حسام خياط، جورج نصر، كميل سلامة، فائق حميصي، جورج شمشوم .

المميز في هذا الكتاب الموسوعي انه تحدث عن كل انواع الصالات السينمائية ، أي، انه حدد تخصص كل واحدة بنوع مختار. منها من السينمات التي عرضت الأفلام الأجنبية، الاميركية بالخصوص ، وتحديدا أكثرها أفلام " الوسترن " اي أفلام الغرب .ومنها ما تخصص بالأفلام البوليسية ومنها ما هي للأفلام العربية الميلودرامية وأخرى عربية غنائية كأفلام عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ،صباح وغيرهم وصولا الى محمد عبدالوهاب. وهناك سينمات اهتمت بالعرض الأول وأخرى بالعرض الثاني وكأن كل سينما كانت تبحث عن هوية تميزها عن غيرها ببرمجتها. كل هذه الصالات التي تجاوز عددها الثلاثين في طرابلس لم يبقى منها غير القليل النادر. اما اسباب هذا التناقص فمن اسبابه عائدة لتعدد الأقنية التلفزيونية ووسائل التواصل ومن هذا الحال اختار "هادي زكّاك" عنوان فيلمه " العرض الأخير- سيرة سيلما طرابلس" هذا الكتاب الموسوعي يشكل بطريقة ما وثيقة وداع للسينما في ايامنا.

ومضمون الكتاب توزعت على عناوين بالشكل التالي: الفصل الأول: يحكي عن شجرة العائلة لبدايات السينمات ،الفصل الثاني: الجيل المؤسس، الفصل الثالث: نجمات الخمسينيات، الفصل الرابع: نجمات الأحياء، الفصل الخامس: نجمات الميناء ،الفصل السادس :مدرسة السينما، الفصل السابع: طقوس وعادات ، الفصل الثامن : فيلم طرابلسي طويل، الفصل التاسع: سينما الحرب، الفصل العاشر: بين الحياة والموت، الفصل الحادي عشر: مصائر.

 

أما السينمات الموزعة في المناطق والأحياء والشوارع فهي بالتسلسل الأبجدي: أمبير، أمير ، إنجا، أندلس، أهرام، أوبرا ، أوديون، بلاديوم، بالاس، بيروكيه، بلانيت، بيبلوس، بيكاديلي، حسناء، حمراء، دنياه، ديانا ،رابحة، راديو، ريكس، رومانس ، روكسي، ريفولي، ريّو، سارولا، ستاركو ، سلوى، سميراميس، شرق، شهرزاد، علم ،فيكتوريا ، قاهرة، كابيتول، كليوباترا، كواكب، كولورادو، ليدو، ماجيستيك، متروبول، نجمة ، هوليود.

 

هذه العناوين للفصول واسماء السينمات، هي بحد ذاتها مطورة و موسعة في الكتاب وتوثق وتحكي حكايات توثق كل عناوين ومضامين الأفلام المثبتة تخبر عن أسماء ونشاط الممثلين والمخرجين من كل الجنسيات وتحكي عن المخرجين وتمايزهم ، وهي تظهر الجهد الكبير والواسع، وكيف تحولت سنوات من التقميش والتبويب كتابا فريد نوعه.

 

اما عن هذه المقالة فالهدف منها مجرد دعوة الى تشجيع القراءة لما يزيد عن ستماية صفحة من الحجم الموسوعي . وبالإضافة الى كل السينما الحاضرة فيه فبالتوازي تحضر أيضا طرابلس بأحيائها ومواقعها وحياتها الإجتماعية العامة والخاصة بشكل شامل.

 

 

 

 

 

 




الكلمات الدالة

معرض الصور