تعود مدينة البترون الساحلية إلى الحقبة الفينيقة بصورة جليّة تتمثل بالعديد من العناصر والمعالم، أبرزها السور الفينيقي، وبقايا قلعة فينيقية، وسواها من معالم.
منشآتها الحديثة نمت وانتشرت بكل اتجاه، ويبدو داخلها مزيجاً من التاريخ القديم، والحداثة، ومنها السوق العتيق، والقلعة الفينيقية، وعدد من الكنائس، وكرسي المير، وسواها من معالم.
تسمية البترون
يرجع اسم "البترون" بجذوره إلى اللفظة السامية "بتر" ومعناها الصخر، والشاهق العالي، والسبب كثرة الصخور العالية في تلالها.
بينما يعتقد الأبوان حبيقة وأرملة، وهما من المهتمين بالتاريخ اللبناني، أن تسمية البترون مركبة من "بيت" و "ترونا" وهي تعني "بيت الرئيس”.
كما يتم التداول في أن " البترون" كلمة يونانية، مشتقة من كلمة " بوتريس" التي أطلقها اليونانيون على البلدة، وكانوا يتبعونها دائماً بكلمة الجميلة "Beautris la belle" ومعناها عنقود العنب نسبة إلى أشجار الكرمة التي كانت تغطي مساحات واسعة من حقولها، وجلاليها فكانت سببا في تطور صناعة النبيذ فيها.
آثار
جولة في أحيائها القديمة، تظهر عراقتها، وترافد العصور فيها، وإذا بدأت الجولة من الشمال، يمكن ملاحظة ارتفاع عن سطح البحر يناهز العشرة أمتار، يبدو منه السور الفينيقي عند الشاطيء تماما، وهو جدار عالٍ، ومتماسك، زالت بعض اقسامه، ويبلغ طوله 225 مترا، وارتفاعه نحو خمسة أمتار، وعرضه متر ونصف المتر عند النقطة الأعلى منه، ولا يبدو أنه مبني بناء عمرانيا، بقدر ما يوحي شكله بأنه امتداد صخري طبيعي، وشكّل سدّاً أمام العواصف البحرية.
وعلى طرف الارتفاع، تقع كاتدرائية مار أسطفان التي تعود إلى القرن العشرين، وقد اقيمت مكان كنيسة قديمة، وانتهى بناؤها حوالي سنة 1910، وتتميز بطراز معماري مزيج من بيزنطي وروماني.
ثم كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس، التي تجاور كاتدرائية مار اسطفان، وقد بنيت على الطراز البيزنطي مع قبة فريدة في نوعها. انتهى بناؤها في آب سنة 1867.
وهناك كنيستان أخريان هما كنيسة سيدة الساحة (1898)، وكنيسة سيدة البحر (القرن التاسع عشر)، ويمكن مشاهدتهما خلال الجولة داخل المدينة القديمة.
وبين الكنيستين، تقع القلعة الفينيقية التي لم تعد مبنى قلاعيا بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل بقايا أثرية داخل طرقات المدينة القديمة الضيقة الموازية للشاطيء، أضيفت إليها إنشاءات بطرق عشوائية غيرت معلمها الأساس. وفي الروايات التاريخية، أن ملك صور إيتوبعل الأول (القرن التاسع ق.م.) بنى القلعة لحماية مملكته من الغزو الأشوري.
وبنهاية الطريق الداخلي الموازي للشاطيء، الذي تحف به الأبنية التراثية المتنوعة، ينفتح الأفق على المدخل الجنوبي للمدينة، وهناك يقوم مرتفع كرسي المير، وهو صخرة حفر فيها باب ودرج من جهة الغرب يرقى بواسطته الزائر الى سطحها، ويمكن الجلوس عليه مباشرة فوق مياه البحر؛ وثمة صخرة على شكل كرسي تقع في البحر، يقال لها كرسي المير أيضا على المستوى الشعبي.
خارج هذا الطريق لجهة الجنوب، تقوم سلسلة منتجعات حديثة، أعطت للمدينة بعدا سياحيا مميزا، وبينها يقوم معهد علوم البحار المتطور علميا، والفريد من نوعه في لبنان وربما في الشرق، ويعنى بالدراسات البحرية، وحياة البحار، ومدى تلوث مياهه.
ويمكن الخروج من الجولة في المدينة القديمة نحو الشارع العام الحديث، عبورا بالسوق القديم، الذي يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، وهو تراثي مبني بالحجر الرملي، وبالعقود المتصالبة مثله مثل العديد من الأسواق اللبنانية العتيقة المنتشرة في المدن الساحلية، وما يزال يستخدم كسوق تجارية وسياحية، ووتنشط فيه عديد من الحرف اليدوية.
وخارج الإطار العمراني للمدينة، وعند طرفها الشرقي، في وادٍ يعرف بوادي نهر الجوز، تقع قلعة "المسيلحة" الشهيرة التي شيدت فوق صخرة معزولة ذات جوانب شديدة الانحدار.
تراثيات خاصة
ورغم أن البترون تتشابه مع بقية المدن الساحلية بانتشار بساتين الحمضيات حولها، إلا أن حرفييها أرسوا شهرة واسعة بصناعة "الليموناضة" التي اشتهرت المدينة بها، وتفننوا بتصنيعها كل بطريقته، مستفيدين من أن موسم الليمون الحامض الأصفر يثمر مرتين في العام، مما يعطي الحرفة إمكانية الاستمرار طوال العام.
ولذلك، يؤمّها السواح واللبنانيون من كل المناطق للتلذّذ بمذاق عصيرها الفريد، كما كانت ناقلات الركاب الكبيرة على الطريق الرئيسي تؤم محلات بيع الليموناضة، كمحطة استراحة خصوصا صيفا، وذلك قبل تحول العبور إلى الاوتوستراد الجديد
وأدخلت الليموناضة مدينة البترون عام2012، موسوعة غينيس للأرقام القياسية عبر تحضير أكبر كوب عصير من الليموناضة بسعة 5543 ليتر، والتي اشتهرت بها البترون منذ القدم.
والليموناضة تحضر في كل مناسبات البترون، وأحيانا أقيمت مهرجانات خاصة بها.
الأرجوان
وحفاظا على هوية المدينة الفينيقية، ظل ريمون بدران من أبناء المدينة يحاول إحياء عملية تصنيع الأرجوان من أصداف بحرها لأربعين سنة، وعرضت بلدية المدينة عمله في حزيران (يونيو) 2020.
مهرجانات
وتقام في البترون مناسبات وإحتفالات خاصّة بالمدينة، منها "قدّاس البحر"، ومهرجان البترون الصيفي السنوي، ويقصدهما المشاركون من مختلف الأنحاء اللبنانية.
64 مشاهدة
28 فبراير, 2025
192 مشاهدة
24 نوفمبر, 2024
298 مشاهدة
01 سبتمبر, 2024