معرض إشكاليّ يقدمه غاليري جانين ربيز في بيروت لثلاثة فنانين لبنانيين هم غريغوري بوشاكجيان، وفرانسوا سارغولوغو، وهانيبال سروجي، والعنوان “نهاية الرومانسية”.
تعاون ثلاثي بعد عشر سنوات على تعاون سابق تحت عنوان Pellicula، أمّا العنوان الحالي، نهاية الرومانسية (La Fin du Romanticisme)، فهو مصدر الإشكالية التي تطرح تساؤلات إشكالية حول تبني الفنانين الثلاثة فكرة نهاية الرومانسية، أم مقاصد أخرى؟ ولماذا إعادة طرح الفكرة بعد مرور أكثر من قرن عليها؟
في نص مرافق للمعرض إجابة مجزوءة للفكرة، يقول النص إنهم (الفنانون) يتساءلون مرة أخرى عن أساليب إنتاج الصورة والحفاظ عليها، ويطمسون الحدود بين الوسائط المختلفة للرسم، والتصوير الفوتوغرافي، والرسم، والكتابة من خلال إضافة منظور غير متزامن، وهو منظور الرومانسية، أو بشكل أدق، نهايتها”.
لكن الرومانسيّة حركة ثقافية، وأدبية، وفنية نشأت مع تطورات الثورة الصناعية، وبلوغها ذروةً أواسط القرن التاسع عشر، وجاءت الرومانسية ردّ فعل على ما طالته الثورة من إنسانية الإنسان، وفقدانه ارتباطه العاطفي، إن مع الطبيعة، أم الأمكنة، أم بعلاقاته مع الآخر، وتحوّلات الحياة من الطبيعة، إلى المدينة للالتحاق بوسائط العمل الجديدة في الصناعة، ومجالات خدمتها.
ضم جناح سارغولوغو مشاهد فوتوغرافية تميزت بانتشار الطبيعة المفعمة بالحيوية، والتي تحمل نفس اسم المعرض.
يفرض بوشاكجيان منظر عين الطائر المرسوم لمعبد روماني على منظر عين الطائر لموقع صناعي.
ويجمع سروجي بين الألوان الكبيرة المتلألئة، والمناظر الطبيعية المتجمدة، والمتفحمة، والمقطعة.
سرّوجي، استاذ الفن في عدد من الجامعات اللبنانية والأجنبية، تحدث ل"ردبيس" عن توازي الحركة الرومانسية وتصاعد الثورة الصناعية، وبلوغها ذروة غير مسبوقة في القرن التاسع عشر، وقد نتجت عنها الحركة الاستعمارية الغربية التي شاركت بها كلّ اوروبا، من فرنسا وبلجيكا وانكلترا وسواها، وقد أثرت الحركة بصورة سلبية على دول العالم"، ويعتقد إنه "في الوقت الذي كانوا يبحثون عن الذهب والثروات المتنوعة، كانت الشعوب المستعمَرة في حالة يُرثى لها”.
الفنانون الرومانسيون عكسوا حالات المناطق، والشعوب المُسْتَعمَرة، ورسموا المشاهد المعبرة إن في الطبيعة أم لدى الناس، وبرأي سروجي أن "هذه الحركة انعكست علينا في المشرق، وطُرحت في موضوعات الاستشراق بصورة غير واقعية، حيث "جرى تصوير الكثير من الأشياء غير الموجودة رغم حساسيتها، في وقت كان العالم يعيش حالات حروب ودمار”.
ثم تناول سروجي اختيار الفنانين لموضوع المعرض، فقد جاء ذلك قبيل اندلاع الحرب مع لبنان في تشرين الأول\أوكتوبر الفائت، حيث كان موعد افتتاح المعرض ضمن أجندة الغاليري لسنة 2024، وراحت الأعمال تتركز قبل ذلك على ما تتعرض له غزة، وما يجري في لبنان وفلسطين وسوريا، من وقائع وحالات مأسوية، لذلك يقول سروجي "ارتأينا أن نطلق على المعرض نهاية الرومانسية، لما يتعرض له العالم من حروب ومجازر وتهجير”.
ويضيف موضحاً إن "العنوان ليس هو المهم في الموضوع، ولم يُطرح من باب نهاية الرومانسية، فكلّنا رومانسيون بطريقة ما، ونعمل مما في القلب والعقل معاً، لكن العنوان طرح فكرة الرومانسية، ومآلها، وهل هي الألوان والأشكال، أم ما تعبر عنه مما يواجهه الانسان؟"
"من هذا المنظور المعرض انساني فكري، ونحن لسنا ذوي اختصاص في موضوع الرومانسية رغم معرفتنا به، وقد طرحناه لكي يكون مثار حوار، ونقاش، وبلورة الفكرة مع المشاهدين".
سروجي يختم: "همّنا تساؤلات عما يهمّ الانسان بالنهاية، في ظل ما تتعرض له الانسانية، وعرض مأساته، وطرحها للنقاش، وهذا هو الهام بالموضوع”.
الفنانون
غريغوري بوشاكجيان فنان متعدد التخصّصات ومؤرخ فني، وهو أستاذ مشارك ومدير مدرسة الفنون البصرية في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة - ألبا، جامعة البلمند.
يتجسد نهجه في أطروحة دكتوراه، وكتاب "المساكن المهجورة، تاريخ بيروت"، ومعارض فردية حول نفس الموضوع في متحف سرسق (2018) وفي فيلا إمبان، بروكسل (2019).
وفي عام 2018، ساهم أيضًا في الجناح اللبناني الأول في بينالي البندقية للهندسة المعمارية.
خدم في العديد من لجان التحكيم بما في ذلك صالون الخريف في متحف سرسق (2009)، وجائزة بوغوصيان (2012)، وإقامة بيروت الفنية (2017) وبرنامج التصوير الوثائقي العربي (2019).
فرانسوا سارغولوغو فنان متعدد التخصصات، يعيش ويعمل بين لبنان وفرنسا.
يركز سارغولوغو على مسقط رأسه بيروت بالإضافة إلى مناطق أخرى في بلاد الشام، ويكشف تدريجيًا عن روايته لليوم الذي تغير فيه كل شيء. يشكل التصوير الفوتوغرافي والمواد الأرشيفية أساس عمليته الإبداعية.
تشارك أعماله في مجموعات خاصة وعامة، عرضت في بيروت في غاليري ربيز، وفي فرنسا، في المركز الإقليمي للفن المعاصر - شاتو دو تريمبلاي (2010)، في مكتبة أوليمب دو جوج الإعلامية - جويني (2018)، وفي معهد العالم العربي - باريس (2019، 2021).
هانيبال سروجي يعمل بين بيروت وباريس. حصل على ماجستير في الفنون الجميلة من جامعة كونكورديا في كندا، وشغل مناصب مختلفة في جامعات في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا، قبل أن ينضم إلى الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت في عام 2010، حيث عمل رئيساً لقسم الفن والتصميم.
له العديد من المعارض الفردية في غاليري ربيز بالإضافة إلى معارضه الفردية في الخارج في سويسرا، ونيويورك، والكويت، وقطر، بالإضافة إلى العديد من المعارض الفنية في باريس.
كما شارك سروجي في العديد من المعارض الجماعية (سنغافورة، إيرلندا، بيروت والرياض)، بالإضافة إلى العديد من المعارض الدولية (باريس، جنيف، دبي، أبو ظبي، لندن، وبيروت).
91 مشاهدة
04 يوليو, 2025
52 مشاهدة
04 يوليو, 2025
95 مشاهدة
04 يوليو, 2025