ثورة صحيّة نوعية جديدة بدأت تهب على المنطقة ولبنان، وهي تقنية تحفيز الدماغ البشري التي تعتمد تقنيات حديثة متطورة توازياً مع التطورات التقنية في الحقل الرقمي، وثورة الذكاء الأصطناعي، وما يرافقها من تشعبات.
التطورات الجديدة هي امتداد للثورة الصحية التي انطلقت في تسعينات القرن الماضي، واستهدفت أمراضاً عديدة منها السرطان بأصنافه المختلفة، والقلب، والأعصاب، وأمراض الجهاز المناعي، وسواها عمادها تقنيات أكثر حداثة من السابق، إن في مجال الأبحاث، أم المعدات الطبية، أو الأدوية المختلفة التي تعالج كل حالة، والأهم من ذلك تطورات مفاهيم الخلايا الجذعية التي كُبِحت منعاً للانقلاب التام في مجالات الصحة.
انعكست تلك التطورات بشكل ملحوظ على صحة الانسان، وبدأت تنطلق صعوداً معدلات متوسط العمر حتى بلغت، وفق مصادر الامم المتحدة إلى متوسط عمر الانسان الثمانين عاماً، بينما كان هذا العمر يعتبر نهاية الانسان منذ عقود قليلة.
التطورات الحالية تعتبر امتداداً لتلك المحاولات، وتطويراً إضافياً لها، ورغم النزعة التجارية الربحية فيها، فقد قدّمت نفسها على إنها ثورة لصالح صحة الانسان، وتالياً امتداد عمره لحدود غير مسبوقة.
شهدت العلاجات الجديدة أسعاراً مرتفعة في كل المجالات، لكنها قورنت بشراء عمر الانسان بالمال، لذلك دفع كثيرون من الأثرياء الأموال الباهظة لشراء صحة أفضل، وتالياً عمراً أكثر تمدّداً.
التقنيات الحديثة الراهنة لا تختلف عن سابقاتها بهذه المفاهيم، وتعتمد على التطور التكنولوجي لتخطيط دماغ الانسان، وكشف أسراره، وخفاياه، فمنه تصدر الأوامر لكل أنحاء الجسم، وإذا لم تصدر من جزء معين، أصيب الانسان بعلة مرضية، مختلفة التأثيرات، من الإنزعاج، حتى الإقعاد، فالموت.
ولبنان السبّاق في نطاقه الجغرافي في المجال الصحي، وهو الأكثر تطوراً بحسب أحد الأخصائيين الدكتور شارلي جبور المهتم بالتقنيات الحديثة، توافرت فيه لدى اخصائيين متقدمين في الطب الحديث معدات تخطيط لدماغ الانسان، تكشف نقاط الخلل، وتعمل على تحفيز الأقسام الكسولة، أو المعطّلة، لسبب ما أهمها النشاف، وانسداد الشعيرات الدموية الدقيقة التي توصل الدم، وتالياً الأوكسيجين، إلى الدماغ، فتجعله صحيحاً، يقوم بوظائفة على نحو جيد.
يروي طبيبان استحوذا على التقنية المذكورة (عادل الريّس وشارلي جبور) أن دماغ الانسان يتكوّن من مراكز يرتبط كل منها بعضو من أعضاء الجسم، والصلة بينهما هي الأعصاب، وعند تخطيط الدماغ بواسطة التقنيات الحديثة، ينكشف الجزء الكسول، أو المتعطّل، ويؤدي ذلك إلى خلل في جسم الانسان قد يتطور حتى الإقعاد أو الوفاة، فتعمل المعدات الحديثة على تفعيل المتعطل، وتنجح بنسب معينة في إعادة عمل الدماغ، وإصدار الأوامر، فتتحسن حالة الانسان، ويتوقف مرضه عن التمدد، وتبدأ بالتدريج علامات ظهور التطورات عليه في غضون أسابيع قليلة بعد العلاج.
تتناول التقنيات الحديثة المذكورة أمراضاً مستعصيةً مثل الباركنسون، والألزهايمر، والتصلب اللويحي، وشلل الأعصاب مثل الوهن العضلي الوبيل (شلل العصب السابع) وشلل العصب العاشر الأكثر انتشاراً، والرؤية عند مرضى السكري، والتليف الرئوي، والفالج، والشلل، وأمراض أخرى عديدة من التي تصنف أمراضاً مناعية، أو لها صلة بالجهاز العصبي، ولا يغيب عنها المساعدة على الإقلاع عن التدخين.
من تطورات التقنية، إنه يمكن للدماغ استيلاد شرايين جديدة بديلاً من المغلقة والمتعطلة عن العمل، فيعود الدماغ يمارس مهامه بصورة طبيعية، لكن المؤكد حتى المرحلة الراهنة من التطورات، أن التقنية الحديثة تلجم تمدّد المرض، وتمنع تطوراته، وتبقيه في حدوده الراهنة، مع الأمل بالتقدم أكثر في العلاج، وتحسين أداء المريض في ظل مرضه، قبل الحديث عن الشفاء التام، والعودة للحالة الطبيعية.
وينصح الأطباء المعنيون بالتقنيات المذكورة، اللجوء إلى تقنية التحفيز حتى في الحالات العادية التي يصاب فيه الانسان بمعاناة صعوبة الحركة، والتنقل، والعمل، والتفكير، لكنها ليست خطيرة على صحته ومصيره، إنما يمكن أن تحسّن أداءه، وحركته الطبيعية، ومن هذه الحالات الوهن، وحالات الضعف المرتبطة بالتقدم بالسن، والتي تعالج بالأدوية المنشطة، والفيتامينات والمعادن، وسواها.
مشكلة الحصول على عملية التحفيز الدماغي سببها، أولاً، اقتصارها على العاصمة وضواحيها حيث يوجد المركزان (الأشرفية والزلقا) مما يجعلها في متناول أبناء العاصمة ومحيطها من مناطق قريبة، لأن التحفيز يحتاج، بحسب أحد الأطباء المعنيين، إلى جلسات عديدة، تبلغ الثلاثة كل أسبوع، ويمكن أن يحتاج المريض إلى ما بين ثلاثين وأربعين جلسة بحشسب تطور حالته، وهذا ما يجعل الانتقال من الأطراف إلى بيروت عملية شاقة عند الحاجة لزيارة العيادات عدة مرات اسبوعياً.
ثانياً، مثلها مثل كل التقنيات الحديثة، والعلاجات الجديدة، لها أسعار يتحمله الأثرياء فقط في بداية الطريق، في مفهوم يعتمد على شراء حياة الانسان، إذ تتراوح تكاليف الجلسة الواحدة، بحسب أحد الأطباء، بين 200 و 300 دولار، أي ما يناهز الألف دولار أسبوعياً إذا شئنا احتساب مصاريف التنقل، ومستتبعاته، وهو مبلغ لا يستطيعه إلّا ذوو الدخل العالي، أو أصحاب الثروات الكبيرة.
الأمراض التي يعالجها "التحفيز" هي أمراض خطيرة، تبدأ بضرب الجهاز العصبي للانسان، ثم تسوء حالته بالتدريج وبطء يجعل سنوات عمره الأخيرة صعبة، وشاقة، وإن لم يبلغ التحفيز مراحل متطورة، وانتشاراً واسعاً بعد يتيح الحصول عليه بسهولة أكثر، وتكاليف أقل، إلّا أن التقنية تعد بدخول الواقع الصحي للانسان مرحلة متقدمة، تؤمّل بمستقبل أفضل، وغدٍ صحيٍّ واعد.
الكلمات الدالة
18 مشاهدة
01 ديسمبر, 2025
11 مشاهدة
24 أكتوبر, 2025
11 مشاهدة
13 أكتوبر, 2025